في ظلال قوله تعالى(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)لقطب(46).
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
في ظلال قوله تعالى(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)لقطب(46).
إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)
[size=25]إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين . .
اللّه - سبحانه - فيها هو المشتري
والمؤمن فيها هو البائع .
فهي بيعة مع اللّه
لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله
يحتجزه دون اللّه - سبحانه - ودون الجهاد
في سبيله
لتكون كلمة اللّه هي العليا ,
وليكون الدين كله للّه .
فقد باع المؤمن للّه في تلك الصفقة نفسه وماله
مقابل ثمن محدد معلوم هو
الجنة
وهو ثمن لا تعدلها لسلعة ,
ولكنه فضل اللّه ومَنَّه:
هذا النص الذي تلوته من قبل وسمعته ما لا أستطيع عده من المرات , في أثناء حفظي للقرآن , وفي أثناء تلاوته , وفي أثناء دراسته بعد ذلك في أكثر من ربع قرن من الزمان . .
هذا النص - حين واجهته في "الظلال" أحسست أنني أدرك منه ما لم أدركه من قبل في المرات التي لا أملك عدها على مدى ذلك الزمان !
إنه نص رهيب !
إنه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين باللّه ,
وعن حقيقة البيعة التي أعطوها - بإسلامهم - طوال الحياة .
فمن بايع هذه البيعة ووفى بها
فهو المؤمن الحق
الذي ينطبق عليه وصف [ المؤمن ] وتتمثل فيه
حقيقة الإيمان .
وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !
حقيقة هذه البيعة
- أو هذه المبايعة كما سماها اللّه كرماً منه وفضلاً وسماحة -
أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ;
فلم يعد لهم منها شيء . .
لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله .
لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . .
كلا . . إنها صفقة مشتراة ,
لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء ,
وفق ما يفرض ووفق ما يحدد ,
وليس للبائع فيها من شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم ,
لا يتلفت ولا يتخير , ولا يناقش ولا يجادل ,
ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام . .
والثمن هو
الجنة . .
والطريق:هو الجهاد والقتل والقتال ..
والنهاية هي النصر أو الاستشهاد:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
من بايع على هذا .
من أمضى عقد الصفقة .
من ارتضى الثمن ووفى .
فهو المؤمن . .
فالمؤمنون هم الذين اشترى اللّه منهم فباعوا . .
ومن رحمة اللّه أن جعل للصفقة ثمنا ,
وإلا فهو واهب الأنفس والأموال ,
وهو مالك الأنفس والأموال .
ولكنه كرم هذا الإنسان فجعله مريداً ;
وكرمه فجعل له أن يعقد العقود ويمضيها - حتى مع اللّه -
وكرمه فقيده بعقوده وعهوده ;
وجعل وفاءه بها مقياس إنسانيته الكريمة ;
ونقضه لها هو مقياس ارتكاسه إلى عالم البهيمة:. . شر البهيمة . .
(إن شر الدواب عند اللّه الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون). .
كما جعل مناط الحساب والجزاء هو النقض أو الوفاء .
وإنها لبيعة رهيبة - بلا شك - ولكنها في عنق كل مؤمن - قادر عليها - لا تسقط عنه إلا بسقوط إيمانه .
ومن هنا تلك الرهبة التي أستشعرها اللحظة وأنا أخط هذه الكلمات:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
عونك اللهم !
فإن العقد رهيب . .
وهؤلاء الذين يزعمون أنفسهم "مسلمين" في مشارق الأرض ومغاربها , قاعدون , لا يجاهدون لتقرير ألوهية اللّه في الأرض , وطرد الطواغيت الغاصبة لحقوق الربوبية وخصائصها في حياة العباد .
ولا يقتلون . ولايقتلون . ولا يجاهدون جهاداً ما دون القتل والقتال !
ولقد كانت هذه الكلمات تطرق قلوب مستمعيها الأولين - على عهد رسول اللّه - [ صلى الله عليه وسلم ] -
فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم ;
ولم تكن مجرد معاني تملونها بأذهانهم ,
أو يحسونها مجردة في مشاعرهم .
كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها .
لتحويلها إلى حركة منظورة ,
لا إلى صورة متأملة . .
هكذا أدركها عبد اللّه بن رواحة - رضي اللّه عنه - في بيعة العقبة الثانية .
قال محمد بن كعب القرظي وغيره: قال عبد الله بن رواحة رضي اللّه عنه , لرسول اللّه - [صلى الله عليه وسلم] - [ يعني ليلة العقبة ] -:
اشترط لربك ولنفسك ما شئت .
فقال:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ،
وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " .
قال: فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك ؟
قال:
"الجنة " " .
قالوا:
ربح البيع ,
لا نقيل ولا نستقيل . .
هكذا . .
" ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل " . .
لقد أخذوها صفقة ماضية نافذة بين متبايعين ;
انتهى أمرها ,
وأمضي عقدها ,
ولم يعد إلى مرد من سبيل
:" لا نقيل ولانستقيل "
فالصفقة ماضية لا رجعة فيها ولا خيار ;
والجنة:
ثمن مقبوض لا موعود !
أليس الوعد من اللّه ؟
أليس اللّه هو المشتري ؟
أليس هو الذي وعد الثمن .
وعداً قديماً في كل كتبه:
(وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن). .
(ومن أوفى بعهده من اللّه ؟).
أجل ! ومن أوفى بعهده من اللّه ؟
إن الجهاد في سبيل اللّه بيعة معقودة بعنق كل مؤمن . .
كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين اللّه . .
إنها السنة الجارية التي لا تستقيم هذه الحياة بدونها ولا تصلح الحياة بتركها:
(ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). .
(ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيراً). .
إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه .
ولا بد أن يقف له الباطل في الطريق ! . .
بل لابد أن يأخذ عليه الطريق . .
إن دين اللّه لا بد أن ينطلق لتحرير البشر
من العبودية للعباد وردهم إلى العبودية للّه وحده .
ولا بد أن يقف له الطاغوت في الطريق . .
بل لا بد أن يقطع عليه الطريق . .
ولا بد لدين الله أن ينطلق في "الأرض" كلها لتحرير "الإنسان" كله .
ولا بد للحق أن يمضي في طريقه ولا ينثني عنه ليدع للباطل طريقاً ! . .
وما دام في "الأرض" كفر .
وما دام في "الأرض" باطل .
وما دامت في "الأرض" عبودية لغير اللّه تذل كرامة "الإنسان"
فالجهاد في سبيل اللّه ماض ,
والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء .
وإلا فليس بالإيمان:
و " من مات ولم يغز ,ولم يحدث نفسه بغزو , مات على شعبة من النفاق " . . . [ رواه الإمام أحمد , وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي ] .
(فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم).
استبشروا بإخلاص أنفسكم وأموالكم للّه ,
وأخذ الجنة عوضاً وثمناً ,
كما وعد اللّه . .
وما الذي فات ؟
ما الذي فات المؤمن الذي يسلم للّه نفسه وماله
ويستعيض الجنة ؟
واللّه ما فاته شيء .
فالنفس إلى موت ,
والمال إلى فوت .
سواء أنفقهما صاحبهما في سبيل اللّه أم في سبيل سواه !
والجنة كسب .
كسب بلا مقابل في حقيقة الأمر ولا بضاعة !
فالمقابل زائل في هذا الطريق أو ذاك !
ودع عنك رفعة الإنسان وهو يعيش للّه .
ينتصر - إذا انتصر - لإعلاء كلمته ،
وتقرير دينه ,
وتحرير عباده من العبودية المذلة لسواه .
ويستشهد - إذا استشهد - في سبيله ,
ليؤدي لدينه شهادة بأنه خير عنده من الحياة .
ويستشعر في كل حركة
وفي كل خطوة
- أنه أقوى من قيود الأرض
وأنه أرفع من ثقلة الأرض ,
والإيمان ينتصر فيه على الألم ,
والعقيدة تنتصر فيه على الحياة .
إن هذا وحده كسب .
كسب بتحقيق إنسانية الإنسان التي لا تتأكد كما تتأكد بانطلاقه من أوهاق الضرورة ;
وانتصار الإيمان فيه على الألم ,
وانتصار العقيدة فيه على الحياة . .
فإذا أضيفت إلى ذلك كله
. . الجنة . .
فهو بيع يدعو إلى الاستبشار ;
وهو فوزلا ريب فيه ولا جدال:
(فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم).
ثم نقف وقفة قصيرة أمام قوله تعالى في هذه الآية:
(وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن). .
فوعد اللّه للمجاهدين في سبيله في القرآن معروف مشهور مؤكد مكرور . .
وهو لا يدع مجالا للشك في إصالة عنصر الجهاد في سبيل اللّه في طبيعة هذا المنهج الرباني ;
باعتباره الوسيلة المكافئة للواقع البشري - لا في زمان بعينه ولا في مكان بعينه -
ما دام أن الجاهلية لا تتمثل في نظرية تقابل بنظرية
ولكنها تتمثل في تجمع عضوي حركي،
يحمي نفسه بالقوة المادية ;
ويقاوم دين اللّه وكل تجمع إسلامي على أساسه بالقوة المادية كذلك ;
ويحول دون الناس والاستماع لإعلان الإسلام العام بألوهية اللّه وحده للعباد ,وتحرير "الإنسان" في "الأرض" من العبودية للعباد .
كما يحول دونهم ودون الانضمام العضوي إلى التجمع الإسلامي المتحرر من عبادة الطاغوت بعبوديته لله وحده دون العباد . .
ومن ثم يتحتم على الإسلام في انطلاقه في "الأرض"
لتحقيق إعلانه العام بتحرير "الإنسان"
أن يصطدم بالقوة المادية التي تحمي التجمعات الجاهلية ;
والتي تحاول بدورها - في حتمية لا فكاك منها -
أن تسحق حركة البعث الإسلامي وتخفت إعلانه التحريري ,
لاستبقاء العباد في رق العبودية للعباد !
انتهى من الظلال.
رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة وجزاه الله خيرا.
اللهم تقبله عندك وارفع درجته واجمع بينه وبين حبيبك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة.
(إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) صاحب الظلال.
[/size]
[size=25]إن الدخول في الإسلام صفقة بين متبايعين . .
اللّه - سبحانه - فيها هو المشتري
والمؤمن فيها هو البائع .
فهي بيعة مع اللّه
لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولا في ماله
يحتجزه دون اللّه - سبحانه - ودون الجهاد
في سبيله
لتكون كلمة اللّه هي العليا ,
وليكون الدين كله للّه .
فقد باع المؤمن للّه في تلك الصفقة نفسه وماله
مقابل ثمن محدد معلوم هو
الجنة
وهو ثمن لا تعدلها لسلعة ,
ولكنه فضل اللّه ومَنَّه:
هذا النص الذي تلوته من قبل وسمعته ما لا أستطيع عده من المرات , في أثناء حفظي للقرآن , وفي أثناء تلاوته , وفي أثناء دراسته بعد ذلك في أكثر من ربع قرن من الزمان . .
هذا النص - حين واجهته في "الظلال" أحسست أنني أدرك منه ما لم أدركه من قبل في المرات التي لا أملك عدها على مدى ذلك الزمان !
إنه نص رهيب !
إنه يكشف عن حقيقة العلاقة التي تربط المؤمنين باللّه ,
وعن حقيقة البيعة التي أعطوها - بإسلامهم - طوال الحياة .
فمن بايع هذه البيعة ووفى بها
فهو المؤمن الحق
الذي ينطبق عليه وصف [ المؤمن ] وتتمثل فيه
حقيقة الإيمان .
وإلا فهي دعوى تحتاج إلى التصديق والتحقيق !
حقيقة هذه البيعة
- أو هذه المبايعة كما سماها اللّه كرماً منه وفضلاً وسماحة -
أن اللّه - سبحانه - قد استخلص لنفسه أنفس المؤمنين وأموالهم ;
فلم يعد لهم منها شيء . .
لم يعد لهم أن يستبقوا منها بقية لا ينفقونها في سبيله .
لم يعد لهم خيار في أن يبذلوا أو يمسكوا . .
كلا . . إنها صفقة مشتراة ,
لشاريها أن يتصرف بها كما يشاء ,
وفق ما يفرض ووفق ما يحدد ,
وليس للبائع فيها من شيء سوى أن يمضي في الطريق المرسوم ,
لا يتلفت ولا يتخير , ولا يناقش ولا يجادل ,
ولا يقول إلا الطاعة والعمل والاستسلام . .
والثمن هو
الجنة . .
والطريق:هو الجهاد والقتل والقتال ..
والنهاية هي النصر أو الاستشهاد:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
من بايع على هذا .
من أمضى عقد الصفقة .
من ارتضى الثمن ووفى .
فهو المؤمن . .
فالمؤمنون هم الذين اشترى اللّه منهم فباعوا . .
ومن رحمة اللّه أن جعل للصفقة ثمنا ,
وإلا فهو واهب الأنفس والأموال ,
وهو مالك الأنفس والأموال .
ولكنه كرم هذا الإنسان فجعله مريداً ;
وكرمه فجعل له أن يعقد العقود ويمضيها - حتى مع اللّه -
وكرمه فقيده بعقوده وعهوده ;
وجعل وفاءه بها مقياس إنسانيته الكريمة ;
ونقضه لها هو مقياس ارتكاسه إلى عالم البهيمة:. . شر البهيمة . .
(إن شر الدواب عند اللّه الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون). .
كما جعل مناط الحساب والجزاء هو النقض أو الوفاء .
وإنها لبيعة رهيبة - بلا شك - ولكنها في عنق كل مؤمن - قادر عليها - لا تسقط عنه إلا بسقوط إيمانه .
ومن هنا تلك الرهبة التي أستشعرها اللحظة وأنا أخط هذه الكلمات:
(إن اللّه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة , يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون). .
عونك اللهم !
فإن العقد رهيب . .
وهؤلاء الذين يزعمون أنفسهم "مسلمين" في مشارق الأرض ومغاربها , قاعدون , لا يجاهدون لتقرير ألوهية اللّه في الأرض , وطرد الطواغيت الغاصبة لحقوق الربوبية وخصائصها في حياة العباد .
ولا يقتلون . ولايقتلون . ولا يجاهدون جهاداً ما دون القتل والقتال !
ولقد كانت هذه الكلمات تطرق قلوب مستمعيها الأولين - على عهد رسول اللّه - [ صلى الله عليه وسلم ] -
فتتحول من فورها في القلوب المؤمنة إلى واقع من واقع حياتهم ;
ولم تكن مجرد معاني تملونها بأذهانهم ,
أو يحسونها مجردة في مشاعرهم .
كانوا يتلقونها للعمل المباشر بها .
لتحويلها إلى حركة منظورة ,
لا إلى صورة متأملة . .
هكذا أدركها عبد اللّه بن رواحة - رضي اللّه عنه - في بيعة العقبة الثانية .
قال محمد بن كعب القرظي وغيره: قال عبد الله بن رواحة رضي اللّه عنه , لرسول اللّه - [صلى الله عليه وسلم] - [ يعني ليلة العقبة ] -:
اشترط لربك ولنفسك ما شئت .
فقال:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ،
وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم " .
قال: فما لنا إذا نحن فعلنا ذلك ؟
قال:
"الجنة " " .
قالوا:
ربح البيع ,
لا نقيل ولا نستقيل . .
هكذا . .
" ربح البيع لا نقيل ولا نستقيل " . .
لقد أخذوها صفقة ماضية نافذة بين متبايعين ;
انتهى أمرها ,
وأمضي عقدها ,
ولم يعد إلى مرد من سبيل
:" لا نقيل ولانستقيل "
فالصفقة ماضية لا رجعة فيها ولا خيار ;
والجنة:
ثمن مقبوض لا موعود !
أليس الوعد من اللّه ؟
أليس اللّه هو المشتري ؟
أليس هو الذي وعد الثمن .
وعداً قديماً في كل كتبه:
(وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن). .
(ومن أوفى بعهده من اللّه ؟).
أجل ! ومن أوفى بعهده من اللّه ؟
إن الجهاد في سبيل اللّه بيعة معقودة بعنق كل مؤمن . .
كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت الرسل ومنذ كان دين اللّه . .
إنها السنة الجارية التي لا تستقيم هذه الحياة بدونها ولا تصلح الحياة بتركها:
(ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض). .
(ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيراً). .
إن الحق لا بد أن ينطلق في طريقه .
ولا بد أن يقف له الباطل في الطريق ! . .
بل لابد أن يأخذ عليه الطريق . .
إن دين اللّه لا بد أن ينطلق لتحرير البشر
من العبودية للعباد وردهم إلى العبودية للّه وحده .
ولا بد أن يقف له الطاغوت في الطريق . .
بل لا بد أن يقطع عليه الطريق . .
ولا بد لدين الله أن ينطلق في "الأرض" كلها لتحرير "الإنسان" كله .
ولا بد للحق أن يمضي في طريقه ولا ينثني عنه ليدع للباطل طريقاً ! . .
وما دام في "الأرض" كفر .
وما دام في "الأرض" باطل .
وما دامت في "الأرض" عبودية لغير اللّه تذل كرامة "الإنسان"
فالجهاد في سبيل اللّه ماض ,
والبيعة في عنق كل مؤمن تطالبه بالوفاء .
وإلا فليس بالإيمان:
و " من مات ولم يغز ,ولم يحدث نفسه بغزو , مات على شعبة من النفاق " . . . [ رواه الإمام أحمد , وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي ] .
(فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم).
استبشروا بإخلاص أنفسكم وأموالكم للّه ,
وأخذ الجنة عوضاً وثمناً ,
كما وعد اللّه . .
وما الذي فات ؟
ما الذي فات المؤمن الذي يسلم للّه نفسه وماله
ويستعيض الجنة ؟
واللّه ما فاته شيء .
فالنفس إلى موت ,
والمال إلى فوت .
سواء أنفقهما صاحبهما في سبيل اللّه أم في سبيل سواه !
والجنة كسب .
كسب بلا مقابل في حقيقة الأمر ولا بضاعة !
فالمقابل زائل في هذا الطريق أو ذاك !
ودع عنك رفعة الإنسان وهو يعيش للّه .
ينتصر - إذا انتصر - لإعلاء كلمته ،
وتقرير دينه ,
وتحرير عباده من العبودية المذلة لسواه .
ويستشهد - إذا استشهد - في سبيله ,
ليؤدي لدينه شهادة بأنه خير عنده من الحياة .
ويستشعر في كل حركة
وفي كل خطوة
- أنه أقوى من قيود الأرض
وأنه أرفع من ثقلة الأرض ,
والإيمان ينتصر فيه على الألم ,
والعقيدة تنتصر فيه على الحياة .
إن هذا وحده كسب .
كسب بتحقيق إنسانية الإنسان التي لا تتأكد كما تتأكد بانطلاقه من أوهاق الضرورة ;
وانتصار الإيمان فيه على الألم ,
وانتصار العقيدة فيه على الحياة . .
فإذا أضيفت إلى ذلك كله
. . الجنة . .
فهو بيع يدعو إلى الاستبشار ;
وهو فوزلا ريب فيه ولا جدال:
(فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به , وذلك هو الفوز العظيم).
ثم نقف وقفة قصيرة أمام قوله تعالى في هذه الآية:
(وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن). .
فوعد اللّه للمجاهدين في سبيله في القرآن معروف مشهور مؤكد مكرور . .
وهو لا يدع مجالا للشك في إصالة عنصر الجهاد في سبيل اللّه في طبيعة هذا المنهج الرباني ;
باعتباره الوسيلة المكافئة للواقع البشري - لا في زمان بعينه ولا في مكان بعينه -
ما دام أن الجاهلية لا تتمثل في نظرية تقابل بنظرية
ولكنها تتمثل في تجمع عضوي حركي،
يحمي نفسه بالقوة المادية ;
ويقاوم دين اللّه وكل تجمع إسلامي على أساسه بالقوة المادية كذلك ;
ويحول دون الناس والاستماع لإعلان الإسلام العام بألوهية اللّه وحده للعباد ,وتحرير "الإنسان" في "الأرض" من العبودية للعباد .
كما يحول دونهم ودون الانضمام العضوي إلى التجمع الإسلامي المتحرر من عبادة الطاغوت بعبوديته لله وحده دون العباد . .
ومن ثم يتحتم على الإسلام في انطلاقه في "الأرض"
لتحقيق إعلانه العام بتحرير "الإنسان"
أن يصطدم بالقوة المادية التي تحمي التجمعات الجاهلية ;
والتي تحاول بدورها - في حتمية لا فكاك منها -
أن تسحق حركة البعث الإسلامي وتخفت إعلانه التحريري ,
لاستبقاء العباد في رق العبودية للعباد !
انتهى من الظلال.
رحم الله صاحب الظلال رحمة واسعة وجزاه الله خيرا.
اللهم تقبله عندك وارفع درجته واجمع بينه وبين حبيبك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الجنة.
(إن أفكارنا وكلماتنا تظل جثثا هامدة ، حتى إذا متنا في سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بين الأحياء) صاحب الظلال.
[/size]
وردة غزة- عضو فعال
- عدد المساهمات : 183
تاريخ التسجيل : 08/08/2009
رد: في ظلال قوله تعالى(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)لقطب(46).
اللهم ثبت عبادك
اللهم انا ضعاف فقونا بك
واعزنا بالاسلام لك
واغفر لنا
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا
ولا تجعل الدنيا اكبر همنا
ولا مبلغ علمنا
اللهم انا ضعاف فقونا بك
واعزنا بالاسلام لك
واغفر لنا
ولا تجعل مصيبتنا في ديننا
ولا تجعل الدنيا اكبر همنا
ولا مبلغ علمنا
رد: في ظلال قوله تعالى(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)لقطب(46).
بارك الله فيكى اختى وردة غزة
ما شاء الله عليكى
الله يحفظك يارب
تحياتى لكى
ما شاء الله عليكى
الله يحفظك يارب
تحياتى لكى
حازم راح- ادارى
- عدد المساهمات : 3031
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
العمر : 38
الموقع : https://shereen-1911.yoo7.com/montada-f9/
مواضيع مماثلة
» حكم سب ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؟؟
» كيف اتقرب من الله تعالى؟
» "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله "
» الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين
» رؤية الله في الجنة,,,انصحكم تقرونها للآآخر,,, بحــق مبكيــه
» كيف اتقرب من الله تعالى؟
» "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله "
» الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين
» رؤية الله في الجنة,,,انصحكم تقرونها للآآخر,,, بحــق مبكيــه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى