منتدى همسة المحبة

اهلا وسهلا بكم في منتديات همسة المحبة

نتمنى لكم زيارة طيبة في رحاب منتدانا

اذا اردتم التسجيل معنا في المنتدى اضغطو على التسجيل

اما اذا كنت عضو مسجل من قبل فتستطيع الدخول بضغطك على دخول

اما اذا اردت اخفاء هذه القائمة فيمكنك ذلك بالضغط على اخفاء

وشكرا جزيلا لكم

ولكم ارق تحيات::: منتديات همسة المحبة


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى همسة المحبة

اهلا وسهلا بكم في منتديات همسة المحبة

نتمنى لكم زيارة طيبة في رحاب منتدانا

اذا اردتم التسجيل معنا في المنتدى اضغطو على التسجيل

اما اذا كنت عضو مسجل من قبل فتستطيع الدخول بضغطك على دخول

اما اذا اردت اخفاء هذه القائمة فيمكنك ذلك بالضغط على اخفاء

وشكرا جزيلا لكم

ولكم ارق تحيات::: منتديات همسة المحبة
منتدى همسة المحبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين Empty الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين

مُساهمة من طرف وردة غزة الثلاثاء يناير 19, 2010 4:44 am



إن القرآن الكريم ذو النظام الشامل المتكامل المنزل من عند الحكيم الخبير ينظر إلى المسلمين في الكون كله ككل لا يتجزءا, وبعض مرتبط في بعض يفرح لفرحه ويتألم لألمه لا ينفصل عنه مهما اشتدت الضربات والأوجاع, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان أو كالبنان يشد بعضه بعضا»([1]), وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»([2]),

والناظر في آيات القرآن الكريم يجد أنها تؤكد هذه الإشارة النبوية الكريمة, فالقرآن في الغالب عندما يخاطب المؤمنين يخاطبهم بنداء الجمع وواو الجماعة الموحي إلى الترابط والاتصال والمشاركة في التعامل والتكليف,

فالخطاب بـ {يا أيها الذين آمنوا}, هو خطاب للمسلمين على عادة القرآن في إطلاق هذا العنوان([3]).

وقد ذكر الله عباده المؤمنين في كلامه المجيد بهذا النداء في تسعة وثمانين موضعا، وهى منقسمة على ثلاثة أقسام: أمر صريح, أو نهى فصيح، أو متضمن لأحدهما بتعريض لا بتصريح([4]).

ففي التوجيهات العامة والتذكير بالنعم قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾(سورة البقرة: 172), وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾(سورة البقرة: 208), وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾(سورة البقرة: 153), وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾(سورة التوبة: 119) أي كونوا مع أهل الصدق واليقين، الذين صدقوا في الدين قولا وعملا, ولم يخاطبنا بصيغة "يا أيها الذي آمن"، بل ربط سبحانه بين التقوى والكينونة مع جماعة الصادقين, وصيغة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} دليل على أن مناط التكليف هو الجماعة، فالله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين بالكون مع الصادقين ومتى وجب الكون مع الصادقين فلا بد من وجود الصادقين في كل وقت وذلك يمنع من إطباق الكل على الباطل ومتى امتنع إطباق الكل على الباطل وجب إذا أطبقوا على شيء أن يكونوا محقين فهذا يدل على أن إجماع الأمة حجة([5]).

وفي الأمر بالتكاليف الشرعية يقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾(سورة الحج: 77), في هذه الآية يختم الله تعالى سورة الحج بالإقبال على خطاب المؤمنين بتوضيح المنهاج الذي رسمه لهذه الأمة، ويلخص تكاليفها التي ناطها بها، وينوه بشأنها ويقرر مكانها الذي قدره لها، ويثبت جذورها في الماضي والحاضر والمستقبل، متى استقامت على النهج الذي أراده لها الله([6]), فأمرهم بالصلاة لكونها عماد الدين, ثم إسداء الخير إلى الناس من الزكاة، وحسن المعاملة كصلة الرّحِم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وسائر مكارم الأخلاق، وهذه الأوامر مجملة بينتها وبينت مراتبها أدلة أخرى من القرآن الكريم([7]),

ويقول عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾(سورة البقرة: 183), يعلم الله سبحانه وتعالى أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع واستجاشة لتنهض به وتستجيب له؛ مهما يكن فيه من حكمة ونفع، حتى تقتنع به وتراض عليه.

ومن ثم يبدأ التكليف بذلك النداء الحبيب إلى المؤمنين، المذكر لهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم - بعد ندائهم ذلك النداء - أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه, فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم, وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها, ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفاً وضيئاً يتجهون إليه عن طريق الصيام([8]).

وقال سبحانه وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾(سورة النساء: 29), وقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(سورة البقرة: 178),

قال الأستاذ رشيد رضا رحمه الله: (الآية جارية على أسلوب القرآن في مخاطبة جماعة المؤمنين في الشئون العامة والمصالح; لاعتبار الأمة متكافلة ومطالبة بتنفيذ الشريعة وحفظها، وبالخضوع لأحكامها كما تقدم بيانه في مخاطبة اليهود بإسناد ما كان من آبائهم إليهم، إذ قلنا إن الأمة في هدي القرآن كالشخص الواحد يخاطب البعض منها بالكل والكل بالبعض، كما يقال للشخص جنيت وجنت يدك، وأخطأت وأخطأ سمعك أو رأيك، ففي هذا الخطاب بالقصاص يدخل القاتل; لأنه مأمور بالخضوع لحكم الله، ويدخل الحاكم; لأنه مأمور بالتنفيذ، ويدخل سائر المسلمين; لأنهم مأمورون بمساعدة الشرع وتأييده, ومراقبة من يختارونه للحكم به وتنفيذه, وتدل هذه الآية وأمثالها على أن سلطة الحكم في الإسلام للأمة في جملتها، كل يقوم بقسطه من الاجتهاد في التشريع بالشورى، والتنفيذ للأحكام، والخضوع لها بشروطها)([9]).

فالفرض في تطبيق مثل هذه الأحكام على القاضي الذي يعينه الإمام, إذا اختصموا إليه بأن يقضي على القاتل بالقصاص إذا طلب الولي؛ لأن الله تعالى قد خاطب جميع المؤمنين بالقصاص ثم لا يتهيأ للمؤمنين ولا يمكنهم جميعا أن يجتمعوا على القصاص فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص فخاطب الولي بالقصاص وخاطب غيره بأن يعين الولي على ذلك([10]).

وقال عز وجل: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾(سورة النور: 2), وقوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(سورة المائدة: 38), وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾(سورة البقرة: 190) فهذه أحكام شرعية خوطب بها مجموع الأمة ولابد للأمة من إقامة هذا الحكم، فمنطوق الآية يدل على الجماعة لكونه جاء بصيغة الجمع، ومفهوم الآية أنَّ الأمة لابد وأن تتحرك حركة جماعية في تطبيق حكم الله تعالى.

وفي النواهي الشرعية يقول تعالى مخاطبا عموم المؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾(سورة المائدة: 51), اختلف أهل التأويل في المعنيِّ بهذه الآية، وإن كان الأمر فيها لجميع المؤمنين.

فقال بعضهم: عُني بذلك عبادة بن الصامت، وعبد الله بن أبي ابن سلول، في براءة عُبَادة من حلف اليهود، وفي تمسك عبد الله بن أبي ابن سلول بحلف اليهود، بعد ما ظهرت عداوتهم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم, وقال آخرون: بل عُني بذلك قومٌ من المؤمنين كانوا هَمُّوا حين نالهم بأحُدٍ من أعدائهم من المشركين ما نالهم, أن يأخذوا من اليهود عِصَمًا ـ جمع"عصمة": وهي الحبال والعهود، تعصمهم وتمنعهم من الضياع ـ، فنهاهم الله عن ذلك، وأعلمهم أنّ من فعل ذلك منهم فهو منهم([11]), لأن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم, والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئا فشيئا، حتى يكون العبد منهم([12]), فالولاية تنبني على الوفاق والوئام والصلة وليس أولئك بأهل لولاية المسلمين لبعد ما بين الأخلاق الدينية، ولإضمارهم الكيد للمسلمين.

وسبب النهي هو ما وقع من اليهود، ولكن لما أريد النهي لم يقتصر عليهم لكيلا يحسب المسلمون أنهم مأذونون في موالاة النصارى، فلدفع ذلك عطف النصارى على اليهود هنا، لأن السبب الداعي لعدم الموالاة واحد في الفريقين، وهو اختلاف الدين والنفرة الناشئة عن تكذيبهم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم, فالنصارى وإن لم تجيء منهم يومئذ أذية مثل اليهود فيوشك أن تجيء منهم إذا وجد داعيها.

وفي هذا ما ينبه على وجه الجمع بين النهي هنا عن موالاة النصارى وبين قوله فيما ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾(المائدة:82), وعقبه بقوله: {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} أي أنهم أجدر بولاية بعضهم بعضا، أي بولاية كل فريق منهم بعض أهل فريقه، لأن كل فريق منهم تتقارب أفراده في الأخلاق والأعمال فيسهل الوفاق بينهم، فالجنسية علة الضم, وليس المعنى أن اليهود أولياء النصارى([13]).

وقال الله عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾(سورة المائدة: 57), هذا تحذير للمؤمنين من موالاة أهل الكتاب ليظهر تميز المسلمين وتمسكهم واعتزازهم بدينهم, والدين هو ما عليه المرء من عقائد وأعمال ناشئة عن العقيدة، فهو عنوان عقل المتدين ورائد أماله وباعث أعماله، فالذي يتخذ دين امرئ هزؤا فقد اتخذ ذلك المتدين هزؤا ورمقه بعين الاحتقار، إذ عد أعظم شيء عنده سخرية، فما دون ذلك أولى, والذي يرمق بهذا الاعتبار ليس جديرا بالموالاة، لأن شرط الموالاة التماثل في التفكير، ولأن الاستهزاء والاستخفاف احتقار، والمودة تستدعي تعظيم الودود([14]).

وقال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾(سورة الأنفال: 27), وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾(سورة البقرة: 278) هذا نداء من الله تعالى لعباده المؤمنين آمراً إياهم بتقواه تعالى، وذلك بطاعته وترك معصيته، وبالتخلي عما بقي عند بعضهم من المعاملات الربوية مذكراً إياهم بإيمانهم إذ من شأن المؤمن الاستجابة لنداء ربه بفعل ما يأمره به وترك ما ينهاه عنه([15]), ثم ختمت الآية بقوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وهو أسلوب تقريع وتوبيخ لمن يترك أوامر الله في المعاملات الشرعية ويتجاوزها إلى الربا المفسد للعلاقات بين الناس والمحطم للمجتمعات.

بل قد وردت خطابات قرآنية بلفظ الخطاب المفرد للنبي صلى الله عليه وسلم حاملة في معناها التوجيه الجمعي لعموم المسلمين في كثير من مسائل العلاقات والمعاملات منها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ..﴾(سورة الطلاق: 1),

فالخطاب الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم في نحو قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}، أسلوب من أساليب آيات التشريع المهتم به صلى الله عليه وسلم والذي دلت النصوص على أنه لا يقتضي تخصيص ما يذكر بعده بالنبي صلى الله عليه وسلم بل يدل على شمول حكمه للأمة كلها، كما في قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} الآية إلى غيرها من الآيات، وقد علمنا ذلك من استقراء القرآن العظيم حيث يعبر فيه دائماً بالصيغة الخاصة به صلى الله عليه وسلم، ثم يشير إلى أن المراد عموم حكم الخطاب للأمة، كقوله في أول سورة الطلاق: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، ثم قال: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} الآية، فدل على دخول الكل حكماً تحت قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وقال عز وجل في سورة التحريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ}، ثم قال: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ َحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، فدل على عموم حكم الخطاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، ونظير ذلك أيضاً في سورة الأحزاب في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ}، ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً}، فقوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ} يدل على عموم الخطاب بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وكقوله: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ}، ثم قال: {وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً} الآية.

ومن أصرح الأدلة في ذلك آية الروم، وآية الأحزاب، أما آية الروم فقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً}، ثم قال: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}، وهو حال من ضمير الفاعل المستتر، المخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ} الآية.

وتقرير المعنى: فأقم وجهك يا نبي الله، في حال كونكم منيبين، فلو لم تدخل الأمة حكماً في الخطاب الخاص به صلى الله عليه وسلم لقال: منيباً إليه، بالإفراد([16]).

ويتأكد جليا واضحا خطاب الله تعالى للمؤمنين كمجتمع واحد وكتلة واحدة يشد بعضها بعضا في قوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(سورة التوبة: 71), مثلما تجلى في علاقات القرابة في قوله تعالى: ﴿وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾(سورة الأنفال: من الآية 75),

فعبر سبحانه وتعالى بأن المؤمنين والمؤمنات بأنهم أولياء بعض للإشارة إلى أن اللحمة الجامعة بينهم هي ولاية الإسلام، فهم فيها على السواء ليس واحد منهم مقلدا للآخر ولا تابعا له على غير بصيرة لما في معنى الولاية من الإشعار بالإخلاص والتناصر([17]).

والقرآن إذ ينظر إلى علاقة الترابط بين المسلمين فإنه يحث على تنوع التخصصات واستيفاء الحقوق والواجبات وحسن التعامل والترابط ليتحقق النفع وتحصل الفائدة لجميع أجزاء المجتمع ولبناته قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾(سورة التوبة: 122),

هذا نهي من الله المؤمنين عن إخلاء بلاد الإسلام بغير مؤمنٍ مقيم فيها، وإعلام من الله لهم أن الواجب النَّفرُ على بعضهم دون بعض، وذلك على من استُنْفِرَ منهم دون من لم يُسْتَنْفَر([18]).

فما استقام لهم أن ينفروا جميعا لنحو غزو أو طلب علم؛ لأنه يحصل بذلك عليهم المشقة، وتفوت به كثير من المصالح الأخرى، كما لا يستقيم لهم أن يتثبطوا جميعا فإنه يخل بأمر المعاش, ولكن لتنفر طائفة تحصل بها الكفاية والمقصود, ولتمكث طائفة أخرى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, فنبه الله تعالى على أن في إقامة المقيمين منهم وعدم خروجهم مصالح لو خرجوا لفاتتهم، فهم الذين يتفقهون في الدين ويعلموا معانيه وأسراره, وينذروا إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو لعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده([19]),

وفي هذه الآية أيضا دليل وإرشاد وتنبيه لطيف، لفائدة مهمة، وهي: أن المسلمين ينبغي لهم أن يعدوا لكل مصلحة من مصالحهم العامة من يقوم بها، ويوفر وقته عليها، ويجتهد فيها، ولا يلتفت إلى غيرها، لتقوم مصالحهم، وتتم منافعهم، ولتكون وجهة جميعهم، ونهاية ما يقصدون قصدا واحدا، وهو قيام مصلحة دينهم ودنياهم، ولو تفرقت الطرق وتعددت المشارب، فالأعمال متباينة، والقصد واحد، وهذه من الحكمة العامة النافعة في جميع الأمور([20]).

وقال عز وجل: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾(سورة المزمل: 20).

يخاطب الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه أنه خفف عنهم وجوب قيام الليل مراعاة لأحوال طرأت على المسلمين من ضروب ما تدعو إليه حالة الجماعة الإسلامية, اقتضت التخفيف, كاختلال الصحة فالمرضى لا يمكنهم الاشتغال بالتهجد لمرضهم.

أو الأشغال التي تدعو إليها ضرورة العيش في تجارة وصناعة وحراثة وغير ذلك، فالمسافرون مشتغلون في النهار بالأعمال الشاقة فلو لم يناموا في الليل لتوالت أسباب المشقة عليهم([21]), وقد خفف عن المسافر في صلاة الفرض، فأبيح له جمع الصلاتين في وقت واحد، وقصر الصلاة الرباعية.

أو أعمال لمصالح الأمة ويدخل في ذلك حراسة الثغور والرباط بها، وتدبير الجيوش، وما يرجع إلى نشر دعوة الإسلام من إيفاد الوفود وبعث السفراء, وهذا كله من شؤون الأمة على الإجمال.

والآية وإن كانت مما نزل بمكة إلا أن فيها بشارة بأن أمر المسلمين صائر إلى استقلال وقترة على أعدائهم فيحتاجون إلى تنوع تخصصاتهم وأعمالهم التاجر في تجارته، والمجاهد في جهاده، والمصلي في صلاته، والقارئ في قراءته, لينفع بعضهم بعضا, ويدافع بعضهم عن بعض, وينشرون دينهم وينتصرون على عدوهم([22]).

فالمسلمون في نظر القرآن جسد واحد وشعور واحد متعدد الأطراف والتكاليف والأعمال والمنافع ترتبط أجزائه برباط الإيمان والإخاء المحقق للوفاق والوئام والسعادة والاحترام والمحبة والسلام.
وردة غزة
وردة غزة
عضو فعال
عضو فعال

عدد المساهمات : 183
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين Empty رد: الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين

مُساهمة من طرف وردة فلسطين الثلاثاء يناير 19, 2010 5:08 am

الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين Arjwan_pj9dczc9te_6c7e
وردة فلسطين
وردة فلسطين
ادارى
ادارى

عدد المساهمات : 3172
تاريخ التسجيل : 08/08/2009

https://shereen-1911.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين Empty رد: الشعور القرآني في خطاب الله تعالى للمؤمنين

مُساهمة من طرف حازم راح الثلاثاء يناير 19, 2010 7:28 pm

سبحان الله والحمد لله
الله يجعلوا فى ميزان حسناتك اختى وردة غزة
مشكووووووورة على الموضوع المفيد والجيد والطويل
حازم راح
حازم راح
ادارى
ادارى

عدد المساهمات : 3031
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
العمر : 38
الموقع : https://shereen-1911.yoo7.com/montada-f9/

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى