لا تحسبن العلم وحده ينفع
+2
وردة فلسطين
سراج الاقصي
6 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لا تحسبن العلم وحده ينفع
لا تحسبنَّ العلْمَ ينفعُ وحْدَه
رحم الله الشاعر الذكيَّ التلقائيَّ، البسيط العميق، الموهوب البليغ، صاحب النظم السهل الممتنع، الذي شرَّق شِعْره وغرّب في عالم الناطقين بالعربية وما أكثرهم! ألا وهو شاعر النيل الأستاذ: حافظ إبراهيم الذي يقول في إحدى قصائده الذائعة:
والعِلْمُ إنْ لم تَكْتَنِفْهُ شمائلٌ تُعْلِيهِ كان مَطِيَّةَ الإخْفاقِ
لا تحسبنَّ العلْمَ ينفعُ وحْدَهُ مـا لم يُتَوَّجْ ربُّهُ بِخَلاقِ
إن العلم يحتاج إلى أخلاق لكي ينفع ويكون له أثر إيجابي في الواقع، وإلا فإنه يكون مثل الشجرة التي ليس لها ثمرة !!
ما قيمة العلم مثلاً إذا كان حامله خائنًا مرائيًا كاذبًا؟ أو كان همَّازًا لـمَّازًا صاخباً؟ أو كان مُتَلَوِّنا حاسدا حاقدا؟ أو كان قاضيا ظالما مُرتَشيًا؟ أو كان ضيِّقَ الأُفُقِ والعَطَنِ .. متعصِّـبًا مُحْتَرِقًا؟ أو كان معتديًا على الحقوق والقِيَم .. فاحشًا مُتَفَحِّشا؟ أو كان مغرورا مُعْجَبًا متكبرًا على الناس؟ أو كان متطاولًا على العلماء الآخرين، أو مُتَعالِماً على مشايخه؟ أو كان مناضلاً من أجل الدنيا .. منافسًا من أجل المناصب .. متفانيًا من أجل الشُّهرة؟ أو كان فاسقا منافقا .. متشكِّكا مرتابًا ؟... أو كان نقَّارًا للصلوات .. هجَّارًا للقرآن .. مُضيِّعًا للنوافل والجماعات .. يضيق بالذِّكْر ويأنس يالهذْر.. بلا خشوعٍ ولا وقارٍ ولا إخبات .. مليئًا بالجدال والأقوال والادعاءات ..
لا تُخْطِئُ العَينُ وجود مثل هذه الأوصاف والأصناف في بيئات تنتسب إلى العلم والعلماء !!
إن العلم لا بد له من تزكية تنفخ فيه الروح وتمدُّه بالحياة, وإلا فإنه يكون حجة على الإنسان لا حجة له، والقرآن نفسه وهو أرقى العلم هو كذلك، قال عليه الصلاة والسلام"والقرآن حجة لك أو حجة عليك" رواه مسلم .
ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام معلِّما ومزكيا، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سورة الجمعة الآية 2]. وكذلك ورثته من بعده العلماء، لا بد أن يكونوا كذلك.
و قد صاغ صلى الله عليه وسلم أصحابه صياغة جديدة بالعلم والتزكية، فكانوا يؤتَون الإيمان (وهو التزكية) قبل القرآن ( وهو العلم), بمعنى أنهم جمعوا بينهما .
ومن جمع بينهما صار ربَّانيًا (نسبة إلى الرب) قال تعالى: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب و بما كنتم تدرسون}سورة آل عمران79, فالعلم تلازمه الربانية (والربانية: هي الصلة القوية بالرب وهي التزكية) .
ومن كان عنده علمٌ بلا تزكية فعنده علم بلا فلاح، قال تعالى:{قد أفلح من زكاها، و قد خاب من دساها} سورة الشمس, و كم من عالم أضرَّ به علمه عندما فقَد التزكية، قال تعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ } سورة الأعراف175.
و التزكية أعظم ما يحرص عليه المسلم قال تعالى: { ومن تزكَّى فإنما يتزكَّى لنفسه و إلى الله المصير} سورة فاطر18.
والعلم بدون تزكية موجود عند إبليس الذي ربما كان أعلم من يوجد على وجه الأرض الآن، وموجود كذلك عند كثير من شياطين الإنس والجن، ومنهم المستشرقون والمنافقون وعلماء السلاطين .. وكما ورد في البخاري فإن شيطانا كان يسرِق تمر صدقة الفطر الذي كان يحرسه أبو هريرة رضي الله عنه، وتخلَّص آخر مرة من القبض عليه، بأنْ علَّم أبا هريرة أن آية الكرسي حافظةٌ من كل شيطان، وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أبا هريرة أن هذا الشخص شيطان، وأنه قد صدَقَهُ وهو كذوب! (فهذا شخٌص عنده علْم، لكنه شيطان)
و ما أكثر المدَّعين للعلم في الناس من الشياطين أو مِـمَّن شبَّههم الله أو أمثالهم بالكلب الذي يلهث، أو بالحمار يحمل أسفارا، بحيث إن ضررهم على أنفسهم وعلى الناس محقَّق، وذلك بسبب فقدانهم التزكية ..
ومعنى ذلك أن مُدَّعي العلم بدون تقويمٍ إيجابي لنفسه وبدون تزكية، يكون مَخْـزنًا من الكتب، وهذا الإنسان المَخْزَن مآل أمره الإحراق نسأل الله السلامة، وليت أنه إحراقٌ كما في الدنيا لمرةٍ واحدة ويصبح في خبر كان! .. إنه إحراق في نار الآخرة ...
وَرَدَ في الحديث الذي رواه مسلم أن الثلاثة الذين تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة أوَّل ما تُسعَّر، فيهم عالِمٌ وقع في الرياء، وهذا مرض واحد ...!! فكيف إذا تعددت الأمراض؟
وروى مسلم والنسائي وأحمد عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليُّها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علْم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
إن العلم الحق هو الخشوع قال تعالى : {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون و يزيدهم خشوعا} سورة الإسراء107-109.
والعلم الحق هو الخشية قال تعالى :{إنما يخشى الله من عباده العلماء} سورة فاطر28 .
فنسأل الله سبحانه و تعالى العلم والعمل، والقرآن والإيمان، والفهم والتزكية والخشوع والخشية.. إنه قريب مجيب.. آمين آمين.
اخوكم سراج الاقصي
رحم الله الشاعر الذكيَّ التلقائيَّ، البسيط العميق، الموهوب البليغ، صاحب النظم السهل الممتنع، الذي شرَّق شِعْره وغرّب في عالم الناطقين بالعربية وما أكثرهم! ألا وهو شاعر النيل الأستاذ: حافظ إبراهيم الذي يقول في إحدى قصائده الذائعة:
والعِلْمُ إنْ لم تَكْتَنِفْهُ شمائلٌ تُعْلِيهِ كان مَطِيَّةَ الإخْفاقِ
لا تحسبنَّ العلْمَ ينفعُ وحْدَهُ مـا لم يُتَوَّجْ ربُّهُ بِخَلاقِ
إن العلم يحتاج إلى أخلاق لكي ينفع ويكون له أثر إيجابي في الواقع، وإلا فإنه يكون مثل الشجرة التي ليس لها ثمرة !!
ما قيمة العلم مثلاً إذا كان حامله خائنًا مرائيًا كاذبًا؟ أو كان همَّازًا لـمَّازًا صاخباً؟ أو كان مُتَلَوِّنا حاسدا حاقدا؟ أو كان قاضيا ظالما مُرتَشيًا؟ أو كان ضيِّقَ الأُفُقِ والعَطَنِ .. متعصِّـبًا مُحْتَرِقًا؟ أو كان معتديًا على الحقوق والقِيَم .. فاحشًا مُتَفَحِّشا؟ أو كان مغرورا مُعْجَبًا متكبرًا على الناس؟ أو كان متطاولًا على العلماء الآخرين، أو مُتَعالِماً على مشايخه؟ أو كان مناضلاً من أجل الدنيا .. منافسًا من أجل المناصب .. متفانيًا من أجل الشُّهرة؟ أو كان فاسقا منافقا .. متشكِّكا مرتابًا ؟... أو كان نقَّارًا للصلوات .. هجَّارًا للقرآن .. مُضيِّعًا للنوافل والجماعات .. يضيق بالذِّكْر ويأنس يالهذْر.. بلا خشوعٍ ولا وقارٍ ولا إخبات .. مليئًا بالجدال والأقوال والادعاءات ..
لا تُخْطِئُ العَينُ وجود مثل هذه الأوصاف والأصناف في بيئات تنتسب إلى العلم والعلماء !!
إن العلم لا بد له من تزكية تنفخ فيه الروح وتمدُّه بالحياة, وإلا فإنه يكون حجة على الإنسان لا حجة له، والقرآن نفسه وهو أرقى العلم هو كذلك، قال عليه الصلاة والسلام"والقرآن حجة لك أو حجة عليك" رواه مسلم .
ولقد كان النبي عليه الصلاة والسلام معلِّما ومزكيا، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سورة الجمعة الآية 2]. وكذلك ورثته من بعده العلماء، لا بد أن يكونوا كذلك.
و قد صاغ صلى الله عليه وسلم أصحابه صياغة جديدة بالعلم والتزكية، فكانوا يؤتَون الإيمان (وهو التزكية) قبل القرآن ( وهو العلم), بمعنى أنهم جمعوا بينهما .
ومن جمع بينهما صار ربَّانيًا (نسبة إلى الرب) قال تعالى: {ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلِّمون الكتاب و بما كنتم تدرسون}سورة آل عمران79, فالعلم تلازمه الربانية (والربانية: هي الصلة القوية بالرب وهي التزكية) .
ومن كان عنده علمٌ بلا تزكية فعنده علم بلا فلاح، قال تعالى:{قد أفلح من زكاها، و قد خاب من دساها} سورة الشمس, و كم من عالم أضرَّ به علمه عندما فقَد التزكية، قال تعالى: { وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِينَ } سورة الأعراف175.
و التزكية أعظم ما يحرص عليه المسلم قال تعالى: { ومن تزكَّى فإنما يتزكَّى لنفسه و إلى الله المصير} سورة فاطر18.
والعلم بدون تزكية موجود عند إبليس الذي ربما كان أعلم من يوجد على وجه الأرض الآن، وموجود كذلك عند كثير من شياطين الإنس والجن، ومنهم المستشرقون والمنافقون وعلماء السلاطين .. وكما ورد في البخاري فإن شيطانا كان يسرِق تمر صدقة الفطر الذي كان يحرسه أبو هريرة رضي الله عنه، وتخلَّص آخر مرة من القبض عليه، بأنْ علَّم أبا هريرة أن آية الكرسي حافظةٌ من كل شيطان، وقد أخبر النبي صلى الله عليه و سلم أبا هريرة أن هذا الشخص شيطان، وأنه قد صدَقَهُ وهو كذوب! (فهذا شخٌص عنده علْم، لكنه شيطان)
و ما أكثر المدَّعين للعلم في الناس من الشياطين أو مِـمَّن شبَّههم الله أو أمثالهم بالكلب الذي يلهث، أو بالحمار يحمل أسفارا، بحيث إن ضررهم على أنفسهم وعلى الناس محقَّق، وذلك بسبب فقدانهم التزكية ..
ومعنى ذلك أن مُدَّعي العلم بدون تقويمٍ إيجابي لنفسه وبدون تزكية، يكون مَخْـزنًا من الكتب، وهذا الإنسان المَخْزَن مآل أمره الإحراق نسأل الله السلامة، وليت أنه إحراقٌ كما في الدنيا لمرةٍ واحدة ويصبح في خبر كان! .. إنه إحراق في نار الآخرة ...
وَرَدَ في الحديث الذي رواه مسلم أن الثلاثة الذين تُسَعَّر بهم النار يوم القيامة أوَّل ما تُسعَّر، فيهم عالِمٌ وقع في الرياء، وهذا مرض واحد ...!! فكيف إذا تعددت الأمراض؟
وروى مسلم والنسائي وأحمد عن زيد بن أرقم قال: لا أقول لكم إلا كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليُّها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علْم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
إن العلم الحق هو الخشوع قال تعالى : {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا، ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، ويخرون للأذقان يبكون و يزيدهم خشوعا} سورة الإسراء107-109.
والعلم الحق هو الخشية قال تعالى :{إنما يخشى الله من عباده العلماء} سورة فاطر28 .
فنسأل الله سبحانه و تعالى العلم والعمل، والقرآن والإيمان، والفهم والتزكية والخشوع والخشية.. إنه قريب مجيب.. آمين آمين.
اخوكم سراج الاقصي
سراج الاقصي- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 68
تاريخ التسجيل : 20/10/2009
العمر : 38
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
يعطيك العافية اخى سراج وانا افتقدك بغيابك وانا بشكرك على مجهودك الرائع والمميز نورت المنتدى من جديد
تحبات وردة فلسطين
تحبات وردة فلسطين
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
بارك الله فيكي اختي وردة فلسطين
ما يغيب عنكم غالي
انا من اريد شكركم علي جهودكم بالمنتدي
وبارك الله فيكم
ما يغيب عنكم غالي
انا من اريد شكركم علي جهودكم بالمنتدي
وبارك الله فيكم
سراج الاقصي- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 68
تاريخ التسجيل : 20/10/2009
العمر : 38
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
بارك الله فيك اخى سراج
والله نورتنا بموضوعك وطلتك المشرقة
الله يحفظك ويديمك يا رب
تقبل تحياتى
والله نورتنا بموضوعك وطلتك المشرقة
الله يحفظك ويديمك يا رب
تقبل تحياتى
حازم راح- ادارى
- عدد المساهمات : 3031
تاريخ التسجيل : 25/08/2009
العمر : 38
الموقع : https://shereen-1911.yoo7.com/montada-f9/
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
يعطك الف عافيه على هاذى المو ضوع الممميز
فى طرحه ونتظر جد يدك
تقبل مرورى اخت حازم
فى طرحه ونتظر جد يدك
تقبل مرورى اخت حازم
اخت حازم- عضو نشيط
- عدد المساهمات : 65
تاريخ التسجيل : 04/10/2009
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
مشكور اخي سراج علي الموضوع الرائع الجميل بارك الله فيك
الله يرضي عنك ويحفظك
الله يرضي عنك ويحفظك
مجروح من الدنيا- مشرفة
- عدد المساهمات : 809
تاريخ التسجيل : 03/11/2009
العمر : 34
رد: لا تحسبن العلم وحده ينفع
كلام جميل جدا
بارك الله فيك اخي سراج وجعله الله في ميزان حسناتك
الف الف شكر اخي
احترامي
سلامووووووووو
بارك الله فيك اخي سراج وجعله الله في ميزان حسناتك
الف الف شكر اخي
احترامي
سلامووووووووو
غريب الديار- عضو شرف
- عدد المساهمات : 755
تاريخ التسجيل : 23/10/2009
العمر : 39
مواضيع مماثلة
» لاتتزوج وحده شعرها طويل
» العلم +القلم+الحلم
» العلم ... القلم ... الحلم .. الظلم
» انظروا كيف ستكون نهاية العلم
» العلم +القلم+الحلم
» العلم ... القلم ... الحلم .. الظلم
» انظروا كيف ستكون نهاية العلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى